التوتر

الاستجابة الطبيعية للتوتر
التوتر بدرجة مقبولة أمر طبيعي في الحياة اليومية. فالشعور بالتوتر قد يحفزنا لأداء الأمور وبذل أفضل ما عندنا. كما أن التوتر الذي يمكن أن يسبب شعوراً بالضيق أمر شائع أيضاً. ويكون لدى الناس الذين يتعرضون لضغوط كثيرة مشاعر التوتر والقلق والاستثارة الجسدية مثل توتر العضلات والتعرق والرجفة. ويوجد في الدماغ ممرات عصبية تعدّ الجسم للتصرف في حالة التوتر. تطلق هذه الممرات، وخصوصاً الجهاز العصبي السيمبثاوي، مواد كيماوية مثل النورأدرينالين الذي يزيد دقات القلب ويجعل التنفس أضيق ويزيد التعرق ويعدّ العضلات للتصرف السريع. ويتم إفراز المواد الكيماوية الأخرى (هورمونات مثل الكورتيزول) إلى الدم لإعداد الجسم للتحديات الجسدية. تتيح لنا ردود الفعل هذه أن نستجيب بسرعة وفعالية للخطر. أما إذا تم إفراز الكثير من المواد الكيماوية لفترة طويلة، تصبح ردود الفعل الجسدية مزعجة ومثيرة للضيق.

ردود الفعل غير العادية للتوتر
يمكن أن يتضرر أداؤنا إذا أصبح التوتر شديداً للغاية. ويمكن ان تكون آثار التوتر الشديد عقلية (الشعور بالقلق أو الضيق أو الخوف أو الاضطراب أو وجود صعوبة في التركيز أو أداء الواجبات)، و/أو جسدية (صداع وآلام جسدية أخرى والشعور بالتعب أو الضعف أو الاستثارة، مع تسارع دقات القلب والتعرق الزائد والارتجاف)، و/أو سلوكية (الظهور بمظهر القلق، الشعور بالانزعاج أو الغضب دون سبب، الانسحاب، إلخ). إذا استمر رد فعل التوتر لفترة طويلة جداً، فسيصاب الجسد والعقل بالإنهاك وتنشأ أعراض سلبية تؤدي إلى ضعف الأداء والعجز.
أسباب التوتر
أحداث خارجية: من المسببات الرئيسية للتوتر تجارب الحياة مثل موت شخص عزيز أو التعرض لأحداث تشكّل تهديداً شديداً للحياة (الصدمة) أو الإساءة. وتشيع هذه التوترات في أماكن النزاع والكوارث والحروب. وفي أوضاع أخرى، قد تكون ردود فعل التوتر استجابة لواحد أو أكثر من الضغوطات اليومية مثل البطالة والصعوبات المالية والمشاكل العائلية والأمراض. وهكذا، فإن الآثار المجتمعة للعنف الماضي والضغوطات الاجتماعية الاقتصادية يمكن أن تفرض توتراً على السكان ككل. ويمكن أن تؤدي أوضاع النزاع المرتبطة بتحديات دورة الحياة – مثلاً، عندما تكون امرأة شابة غير سعيدة بزواج مرتب – إلى التوتر.

الضعف الشخصي: بعض الناس معرضون أكثر من غيرهم للتوتر بسبب تكوينهم الجيني. فبعض الناس قد يكونون دائماً عصبيين أو منفعلين أو حساسين. كما أن بالإمكان أن يكون لبعض أنواع القلق – مثل اضطراب الذعر – أساس جيني قوي. فالتنشئة المبكرة مثل التربية الضعيفة أو الحياة الأسرية غير المستقرة يمكن أن تترك الناس أكثر ضعفاً في مواجهة التوتر لاحقاً في الحياة.

المرض الجسدي: من الممكن أن تؤدي الأوضاع الطبية إلى التوتر بعدة طرق. فالمرضى يمرون بالتوتر الذي يسببه الألم والإعاقة وعدم القدرة على أداء الواجبات المعتادة. كما أن بعض الأمراض الجسدية قد تؤدي إلى تغييرات عقلية مشابهة لأعراض القلق. مثلاًً، يمكن لمرض الغدة الدرقية والالتهابات المزمنة والحمى المتدنية وسوء التغذية واضطرابات الأيض الأخرى والصرع أن تؤدي إلى أعراض مثل التعب والانزعاج وضعف التركيز والعصبية. ولهذا يجب أن يؤخذ بالاعتبار وجود مرض جسدي في كل مريض يشتبه في وجود توتر لديه.

الطرق الفردية والثقافية في إظهار التوتر
يمكن أن يظهر التوتر بعدة طرق مختلفة. فبعض الناس قد يظهرون علامات واضحة للتوتر العقلي أو السلوكي أو يشتكون بوضوح من الأعراض، ولكن آخرين قد يحتفظون بتوترهم مخفياً، حيث لا يلاحظ الآخرون سوى بعض التغييرات في سلوكهم (مثلاً، أن يصبحوا انسحابيين أو أكثر انفعالية). وعادة ما يراجع الناس الذين يعانون من التوتر المراكز الصحية للشكوى من أعراض جسدية مثل الصداع أو الآلام الأخرى أو الضعف أو التعب أو الأعراض الأخرى. وقد يشتكون من أنهم غير قادرين على النوم بشكل جيد أو يعانون من مشكلة في التركيز. ومتى اشتكى الأطفال أو الراشدون من أعراض جسدية غامضة أو حيث لا يمكن إجراء تشخيص طبي محدد، يجب التفكير في إمكانية وجود توتر مخفي (أو أي اضطراب نفسي آخر) والبحث عنه.

كما أن لكل ثقافة طرقها المميزة في الاستجابة للتوتر. مثلاً، في بعض البيئات يمكن للناس أن يُظهروا ردود فعل شديدة ولكن قصيرة الأمد مثل أن يفقدوا الذاكرة أو يهيموا على وجههم أو يظهروا كالمشلولين أو يفقدا الوعي أو يصبحوا عنيفين للغاية لفترات قصيرة، وكل هذه استجابات لتوتر شديد جداً. وبعض الناس قد يشعرون وكأنهم مسحورون أو أن سحراً اسود استُخدم ضدهم لجعلهم ضعفاء. وقد يظن آخرون أن الأرواح قد تلبست الشخص أو أن هذا عقاب لخطايا سابقة. وفي الدول الغربية، يمكن اعتبار ردود الفعل هذه نوعاً من الهستيريا أو الانفصال عن الذات.

أعراض التوتر
عقلية/ عاطفية
1. يقلق معظم الوقت
2. الخوف
3. ينزعج بسرعة
4. توقع حدوث أشياء سيئة
5. عدم الكف عن التفكير بنفس مصدر القلق
6. الذهن مشغول بالهموم المختلفة
7. لا يشعر أبدا بالسكينة
8. العصبية
9. غير قادر على الشعور بالاطمئنان أو التهدئة
10. الانزعاج
11. الخوف من المرض أو الموت أو الجنون عندما لا يكون الأمر صحيحاً
12. ضعف التركيز

جسدية (عندما لا تكشف الفحوصات الطبية أي مرض كامن)
1. التعرق
2. تسارع دقات القلب
3. صعوبة الحصول على الهواء أثناء التنفس
4. الارتجاف
5. وجود نخزات مفاجئة في اليدين والقدمين
6. آلام المعدة
7. الغثيان والإسهال
8. الصداع
9. الدوخة و أحاسيس غريبة في الرأس
10. الضعف وفقدان الطاقة والتعب طوال الوقت
11. الشعور بالاختناق وعدم القدرة على البلع
12. الشعور بالمرض دون سبب

سلوكية
1. الظهور بمظهر القلق أو الارتعاب أو الخوف
2. الحركة بسرعة في محاولة القيام بأمور كثيرة
3. الإحباط
4. الشعور بالترقب والمتحفز وعدم القدرة على الجلوس
5. بؤبؤ العين المتوسع
6. توقع الخطر دائماً والتحفز بشكل مبالغ فيه
7. التحدث بسرعة
8. السعي للحصول على الطمأنة طوال الوقت
9. الانزعاج أو الغضب أكثر من المعتاد
10. ينزعج بسهولة من الأشياء الصغيرة
11. لا يستطيع الاستمتاع بالأشياء
12. يتجنب اللقاءات الاجتماعية أو الخروج أو أماكن أو أشياء معينة
13. يظل يطالب الآخرين، مثل الأطفال، بالحذر والانتباه

ردود فعل التوتر قصيرة وطويلة الأمد
من المهم التمييز بين التوتر الشديد الذي يحدث استجابة لتجربة حياتية واضحة من جهة والظروف التي يمكن أن تصبح مزمنة ومعيقة للحركة من جهة أخرى. من الأمثلة على النوع الأول فقدان فرد من أفراد العائلة أو فقدان وظيفة أو حادث أو مرض. ويمكن أن نتوقع انتهاء ردود فعل قصيرة الأجل للتوتر إما بشكل طبيعي أو بقليل من الإرشاد والدعم. وعندما تصبح ردود فعل التوتر مزمنة أو معيقة، يجب إحالة الراشد أو الطفل إلى طبيب.