يمكن أن يكون أثر الأزمات على الأطفال والأسر والمجتمعات مدمراً. وتؤثر حالة الأزمات في كل المجالات في حياة الفرد والمجتمع: الجسدية والعقلية والنفسية والروحانية. وتعتمد طبيعة وشدة ومدة وعواقب الأثر على مجموعة من العوامل.
يبدي الأطفال والراشدون ردود فعل جسدية وعاطفية ونفسية واجتماعية مشتركة تجاه الأحداث العنيفة وأحداث الفقدان المفاجىء. ويمكن أن تشمل ردود الفعل هذه ما يلي:
□ الصدمة أو الخوف أو الرعب أو القلق
□ الحزن أو البكاء أو الارتعاش
□ ضيق النفس وخفقان القلب والضعف الجسدي العام
□ الصداع أو أوجاع المعدة أو الأعراض الجسدية الأخرى
□ الانسحاب وعدم الرغبة في الخروج أو الحديث مع الناس أو اللعب مع الأصدقاء.
□ النكوص إلى مرحلة تطور أبكر (مثلاً، ابنة الست سنوات قد تتعلق بأمها طيلة الوقت أو تعود لمص إبهامها أو تبليل فراشها ليلاً)
□ الكوابيس (والصراخ في منتصف الليل)
□ الغضب أو العدوانية، والشجار مع الأطفال الآخرين
□ نقص التركيز في المدرسة (بسبب صور العنف)
□ انعدام الشعور بالفرح (نادراً ما يبتسم أو يلعب مع الأطفال الآخرين)
كل ردود الفعل هذه طبيعية. فالأطفال الذين مروا بظروف وأحداث غير طبيعية سيكون لديهم ردود فعل عليها. ولا تكون ردود فعل كل الأطفال على الأحداث والتجارب متشابهة، فبعض الأطفال قد يظهر علامات على التوتر الشديد.
بالنسبة لمعظم الأطفال، تساعد تلبية الاحتياجات الجسدية والعاطفية والاجتماعية الأساسية في اختفاء ردود الفعل هذه ببطء خلال الأسابيع أو الأشهر القليلة القادمة. قلة من الأطفال (ولأسباب سنناقشها لاحقاً) لن يتحركوا خلال مرحلة التكيف هذه وستستمر الأعراض لديهم، وهؤلاء الأطفال فقط هم من يمكننا أن نقول إنهم تعرضوا لصدمة شديدة بسبب حالة الأزمات. ومع أن عدد هؤلاء الأطفال في أية حالة طوارىء قليل، إلاّ أنهم يكونون في حالة ضيق نفسي واجتماعي شديد ويحتاجون للمساعدة. وعلى المعلمين التأكد من تحديد هؤلاء الأطفال وإحالتهم إلى مختصين يستطيعون مساعدتهم.
من المهم إدراك الآثار قصيرة وطويلة المدى للتوتر على الأطفال. ويدعو العديد من الناس هذه الحالة بالصدمة، لكننا في هذا التدريب، سندعو الأثر النفسي على الراشدين والأطفال إما بالتوتر الشديد أو التوتر (راجع مادة المطالعة في نهاية اليوم الأول).
ومن الممكن أن يستمر التوتر الشديد دون تدخل لمختصين. وإذا استمر الطفل في إظهار الأعراض المذكورة أعلاه، فعندها يجب عرضه على اختصاصي في الصحة العقلية. لكن هذا لا يعني أنه يعاني من مرض عقلي، فالأطفال أحيانا يحتاجون لفهم ما شهدوه أو شعروا به وفكروا فيه. وفي غياب التدخل، فإن أعراضاً مثل الكوابيس أو تبليل الفراش قد تستمر في المستقبل وغالباً دون أن يعرف الراشدون سببها. لكن في الكثير من الحالات، لا يتلقى الأطفال الذين يعانون من هذه الأعراض المساعدة.
ما هي الفروقات بين ردود فعل الطفل تجاه التوتر والعواقب طويلة الأمد لهذه الأحداث؟ لنفكر في الأمثلة التالية:
إذا شاهد طفل عملية حرق مدرسته فقد:
• ينتابه الخوف أو القلق.
• يستعيد ذكرى الهجوم أو تنتابه الكوابيس.
• ينسحب من النشاطات وقد لا يذهب إلى مدرسة جديدة
إذا تعرّضت عائلة فتاة في العاشرة إلى القتل، فقد تشمل ردود فعلها الذعر والكوابيس الشديدة والسلوك الانسحابي، ربما إلى أن يتمكن أصدقاؤها وأفراد عائلتها الآخرين من رفع معنوياتها وإبهاجها وإشراكها في نشاطات الحياة المختلفة.
من بين عواقب التيتم التي تتعرض لها هذه الطفلة أنها لن تحظى بالحب والرعاية والحماية الوالدية، التي يحتاج إليها جميع الأطفال من أجل النماء السليم. في الوقت ذاته، يزداد خطر تعرضها للإساءة – بما فيها الإساءة الجنسية – أو يمكن استعبادها، بحيث تصبح خادمة للعائلة البديلة بدلاً من أن تعامَل كطفلة. وفي بعض الثقافات، قد ينتهي الأمر بالأطفال في نظام الرعاية بعدم الذهاب إلى المدرسة وفقدان الحب والرعاية الوالدية. نتيجة لذلك، قد تقضي الطفلة حياتها المبكرة في العمل لدى العائلة البديلة. أما أطفال العائلة البديلة الأصيلون، فيعاملون بطريقة مختلفة، بحيث ترى الطفلة هذه المعاملة المختلفة لكنها لا تفهم سببها.
إذا أجبِر الأطفال على الهروب من بيوتهم وقراهم المدمرة بعد زلزال مدمر أو قصف، فمن المحتمل أن يخافوا عندما يسمعون صوت ضربات أو حركات قوية. فقد يبدأ الأطفال الصغار بالالتصاق بأمهاتهم ويأخذون بالصراخ إن تُركوا وحدهم. من ناحة أخرى، قد يبدأ الأشقاء بالتشاجر مع بعضهم البعض.
من بين العواقب طويلة الأمد أن الأسرة قد تعاني من الفقر بسبب فقدان البيت وحالة "النزوح". وفي غياب مصدر للرزق، قد يضطر الأطفال للعمل مما يفقدهم فرصة الالتحاق بالمدرسة. وإذا قتل الأب، فقد تضطر الأم والبنات المراهقات إلى العيش في ملاجىء مكتظة يتعرضن فيها لخطر الانتهاك الجنسي.
وبالمجمل، فإن العواقب الحقيقية طويلة المدى للطوارىء بالنسبة للعديد من الأطفال ليست نتيجة "للتوتر" بل بالأحرى نتيجة لفقدان تلك الأجزاء من حياتهم التي يعتبرونها "طبيعية". فالعديد من الأطفال قد يُجبرون على التكيف مع فقدان الدعم المادي والعاطفي والاجتماعي؛ وبعضهم قد يفقد أفراداً مهمين من العائلة وأصدقاء وأقراناً ومجتمعاً ومدرسة ومعلمين وأشخاصاً داعمين، مما يعني أن هؤلاء الأطفال سيفتقرون للحماية وفرص النماء الطبيعي.