quiet مميزون
عدد المساهمات : 155 تاريخ التسجيل : 18/12/2010
| موضوع: من يوميات النهر ... محمد فهمي سند الأربعاء أغسطس 03, 2011 11:36 am | |
| من يوميات النهر فى اليومِ الأول
لعبَتْ أعينُنا دوراً رومانسيّا
وقعَتْ عيناىَ الحائرتانِ على عينيها الذاهلتين
فَنَقَّرَ طيرُ الذكرى المبْتَلّ
فتَّشَ فى الأركانِ المنسيَّة
عن دمعاتٍ جفَّتْ فى منديلِ الظِلّ
عن ومضةِ عشق
خبَّأَها صدرُ الأحلامِ المطويَّة
عن كلمةِ حُبّ
جمُدَتْ فوقَ شفاهِ ربيعِ الحُبِّ الأوَّل
نَقَّرَ طيرُ الذكرى فى القلب
و أخرجَ أشجانى
أو أوهامى
من جعبةِ هذا القلبِ المُعتلّ
نادَتْ عيناها الذاهلتان: يا طيرَ الذكرى
أحلامى تسَّاقَطُ من أيامى
فأُداوى جُرحى بالكلماتِ الخضراءِ
و بالأحلامِ الرعناء
لكنْ لم يرقَأْ فىَّ الحزنَ الدامى
قالت عيناىَ الحائرتان: إنى بحرُ الأشواقِ
و إنى المرفأ
جرفَتْها أمواجُ الرغبة
أسلَمَت المجدافَ لنجمِ هوانا المتلألىء
فى اليومِ الثانى
وضعَتْ كفَّاً والهةً فى كفِّي
و اشتعلَتْ فرحا
طارَتْ حولَ زهورِ الأحلامِ الغضَّة
و انتصبَتْ فى مرآةِ الحُبّ
حالمةً بى
بالبيتِ العائمِ فى بحرٍ من فضة
بنداءاتِ الأطفالِ الذهبيَّة
و انطلقّتْ سابحةً فى الشارع
تشربُ نخبَ سعادتِنا قدحاً قدحا
ثم استلقيْنا فوقَ العشبِ
نُدارى حيرتَنا
أن نتوحَّدَ فى عُشّ
و الأرضُ سَبَتْها زانيةٌ أو راقصةٌ أو قوَّادٌ أو خائن
يدنو كلٌّ منَّا للآخر
نستدفىءُ بالدعواتِ الولهى
أن يرحمَنا ربُّ العرش
من خوفِ الخوف
و من جوعِ القلب
و من ظلمِ الأمراء
و من عينِ الحُسَّاد
و من تُجَّارِ السوقِ السوداء
فى اليومِ الثالث
جمعَتْنا جلستُنا اليوميَّة
فصبَبْنا فى الأكوابِ همومَ الغد
و رشفناها فى مهَلٍ مُتخابث
كانت أعينُنا تهربُ للموجِ العابث
فأرانى منحشراً فى مركبةِ العودة
كابوساً يتجدَّد
شيئاً مُلقىً بين الأجسادِ الصفراءِ المختنقة
و صراخِ أبي
و بكاءِ الأمِّ اللاهث
النومِ, الصنبورِ التالف
الماءِ المُتقطِّر
جوربِىَ المرفوّ
قميصي المُتَّسِخِ المقطوعِ الأزرار
طعامِ الإفطار
المركبةِ المتعثرة
الأقدامِ اللهفى
الأصواتِ, الموجِ الجارف
حبي المشبوحِ على الضوءِ الأحمرِ و الأخضر
فى شارعِ هذا العمرِ النازف
سألتنى: كم ساعتُكَ الآن؟
كانُ النهرُ حبيساً بينَ الشطآن
فوقَفْنا منكسرَين
و أسلَمْنا أقداماً واجفةً
للدربِ العُريان فى اليومِ الرابع
حدَّقْنا فى النهرِ المتمدِّدِ فى استرخاء
و العشبِ الطافي فوقَ السطحِ المتجعِّد
صرخَتْ فجأة
صمتُكَ يُرعبُني_
إنى أتجدَّد_
و أنا أتداخلُ من خجَلي فى هذا المقعد_
يا حبي غدُنا يبعثُنا_
يعطينا البيتَ الهانىءَ و الأغنيَةَ الطفليَّة
و الحبَّ المتفرِّد
ما زلتَ تُمنِّينى بالبعث_
و تُرَوِّيني بالحلمِ المُتدلِّي من رحمِ الغد
رغم هطولِ الجدبِ على أعناقِ الأشجار
و تكلُّسِ أمواجِ النهرِ المتمدِّد
فوقَ موائدِ قلبي الموَّار
ما زلتَ تُمنِّينى بالثمرِ الناضج
و الماءِ العذبِ و بيتِ الأسرار
أنت تُمنِّينى
و الأشياءُ جميعاً فى أيدي التُجَّار
لا أملكُ إلا أمنيَتِي_
و الصبرَ, و نظمَ الأشعار
و أمانيكَ الخُضر_
لن تعطيَني بيتاً أرعى فيهِ الحبَّ المُتوقِّد
صبرُكَ, لن يقذفَني فى نارِ اللذَّة
تصهرني حتى أتبدَّد
شِعرُكَ, لن يُطعمَني عنقودَ تواصلِنا المُسْكر
لن يؤويَني فى صدرِ الأمنِ الدافىء
لن يسقيَني كأسَ الأحلامِ الحُبلى
بالأطفالِ و بالعيشِ الرغد
همهمْتُ
و أرخيْتُ حروفي
و سحبْتُ خيوطَ اللحظة
من عمقِ النهرِ المُتكاسل
فاشتدَّ البرد
و تشبَّثْتُ بمقعدِنا الحجرىِّ هنيهات
ثم أخذْتُ القدمينِ العاريتين
و أسلمْتُ عذابي للعمرِ المتجلِّد
فى اليومِ الخامس
لملمْتُ قصاصاتِ الشِعْرِ البائس
و جلسْتُ على مقعدْنا الحجرىِّ
أثرثرُ وحدي
عن عشقى للحُبِّ, الشِعْرِ, الحريَّة
فى هذا الليلِ الدامس
حتى نبَّهَني الشرطيُّ لنفسي فضحكْت
و أوشكْتُ أناديها
لكنِّي أحسسْتُ الرعشةَ فى جسدي
فالتمَّتْ أشلائي
و اتَّشَحَتْ بالصبرِ العابس
فى اليومِ السادس
لم تحملْني أقدامي للباب
فجلسْتُ على الأعتاب
محمد فهمي سند
|
| |
|
ام عبود انت عضو نشيط تجاوزت (200) مشاركة
عدد المساهمات : 505 تاريخ التسجيل : 05/12/2010 الموقع : ام عبود
| موضوع: رد: من يوميات النهر ... محمد فهمي سند الخميس أغسطس 04, 2011 7:36 am | |
| | |
|