بينما يُعتبر كل الأطفال ضعفاء في ظروف الأزمات، فإن لديهم أيضاً القدرة على المجابهة والتحمل والتعافي من التعرض للعنف والفقدان. وتدعى هذه القدرة على التكيف والتعافي بعد التجارب المؤلمة بالقوة الداخلية.
وتتألف القوة الداخلية من نفس العوامل التي تساهم في تحقيق الرفاه والتكيف والتأقلم والتطور لدى الأطفال التي ناقشناها مسبقاً. وهناك عوامل داخلية وخارجية تساعد في تدعيم هذه القوة الداخلية:
• صفات بيولوجية تولد لدى الأطفال وتُعرف بالصفات الطبيعية المتأصلة.
• عوامل حماية بنيت بمرور الوقت داخل أسرة الطفل وعلاقته بالمحيط.
تعتمد القوة الداخلية على عوامل داخلية وخارجية، فمع أن بعض هذه العوامل متأصل، إلاّ أن بالإمكان تنمية الكثير غيرها وتقويتها من خلال الدعم النفسي الاجتماعي. وفيما يلي بعض الصفات الدالّة على القوة الداخلية التي تساعد الأطفال على التأقلم مع الشدائد:
• الشعور بالأمان العاطفي والجسدي
• الشعور بالانتماء إلى الأسرة
• الشعور بالانتماء الاجتماعي إلى مجموعة والعالم الأكبر
• القدرة على البحث عن الدعم العاطفي من الآخرين والحصول عليه
• القدرة على الشعور بالفرح
• الشعور بالسيطرة على محيطنا
• الشعور بالكفاءة
• امتلاك أهداف في الحياة والقدرة على تخيل المستقبل
• القدرة الفكرية
• القدرة على فهم الأزمات واستنباط المعاني من الأحداث
• الفضول
• الثقة بالنفس والثقة بالراشدين والأقران
• الحاجة والقدرة على مساعدة الآخرين
• حس بالإيثار والتعاطف
• السيطرة على الذات
• الصحة الجسدية
للقوة الداخلية علاقة كبيرة بدرجة ارتباط الأطفال بأسرهم ومجتمعاتهم، وقدراتهم على التعلم وحل المشكلات، وأعمق معتقداتهم وقيمهم، وقدراتهم على السيطرة الداخلية، وبالقبول الذي يتلقونه من الناس حولهم والفرص المتوفرة أمامهم للمشاركة في النشاطات التي تطور قدراتهم الفكرية والفكرية.
وبينما القوة الداخلية أمر متأصل بالأساس، إلاّ أن بإمكاننا فعل العديد من الأمور لتقوية "الموارد الداخلية" للأطفال وتنميتها. ويستطيع المعلمون أن يتركوا أثراً في بعض عوامل الحماية التي ذكرناها سابقاً. على سبيل المثال، يمكننا أن نعمل على:
• تحسين جودة التفاعل والعلاقات بين المعلم المراعي والطفل.
• توفير فرص التطور الفكري بما فيه مهارات حل المشكلات.
• تعزيز الإحساس بتقدير الذات وقيمتها من خلال مساعدة الأطفال على تحقيق بعض النجاح في مهام أو مهارات أو رياضات محددة.
• المساعدة على تقوية وتطوير ارتباط الأطفال بمجتمعهم وإحساسهم بالانتماء.
القوة والتماسك في الأسرة والمجتمع
غالباً ما نعتبر القوة الداخلية صفة فردية، ولكن يمكننا أيضاً أن نأخذ بالاعتبار صفات القوة لدى الأسر والمجتمعات. ويمكننا أن نساهم كمعلمين في تعزيز هذه الصفات وزيادة الحماية التي توفرها الأسر والمجتمعات للأطفال في ظروف الشدة.
بعض مزايا الأسر القوية المتماسكة:
• الاتصال الجيد بين أفرادها.
• آمال وأهداف مشتركة.
• الاحترام والرعاية والمحبة بين كل أفرادها: راشدين وأطفال.
• وجود موارد كافية لتلبية الاحتياجات المادية والجسدية الأساسية لأفراد الأسرة.
بعض مزايا المجتمعات القوية المتماسكة:
• الاتصال الجيد بين أفرادها.
• القيادة تمثل الشعب بحق، بما في ذلك النساء.
• أفراد المجتمع يتحملون المسؤولية ويتحركون لتحسين حياة المجتمع.
• الشعب ينظر إلى نفسه على أنه واسع الحيلة.
• البنى والخدمات الأساسية موجودة: المدارس، المراكز الصحية، المجموعات والمؤسسات الدينية (حيث يوجد دين منظم).
القوة الداخلية تتحقق من عمليات عادية وليست أمراً سحرياً! بينما يمكن أن تمثل ظروف الأزمات مخاطر شديدة القسوة على الرفاه النفسي الاجتماعي للأطفال، إلاّ أن وجود عوامل الحماية داخل الأطفال وأسرهم ومجتمعاتهم يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تحييد الآثار الضارة. فالقدرات الداخلية للأطفال يمكن تقويتها بوجود أشخاص داعمين وبُنى داعمة داخل محيطهم.